
عزيز بنحمو
نظّمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، بشراكة مع قطاع الثقافة وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، يوم الخميس 4 دجنبر 2025، ندوة وطنية حول موضوع “الوحدة الترابية للمغرب بعيون أكاديمية: قصة نجاحات وآفاق الحل السياسي”، وذلك بمشاركة نخبة من الأساتذة والخبراء المتخصصين في قضايا الصحراء المغربية.
استُهلت الندوة بكلمة لعميد الكلية، عمر حنيش، الذي أكد أن مسار استرجاع الأقاليم الجنوبية يمثل قصة وطنية مشتركة بين الملك والشعب منذ المسيرة الخضراء، مشيراً إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تقدم الحل الواقعي والمنسجم مع الشرعية الدولية. وأبرز دور البحث العلمي في تفكيك خطاب التضليل وتحصين النقاش الوطني.
ومن جهته، شدد محمد الدرويش، رئيس مؤسسة فكر وأستاذ التعليم العالي، على التزام المؤسسة بمتابعة القضايا الوطنية عبر الندوات والمنتديات العلمية، مؤكداً أن الدبلوماسية المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، استطاعت إعادة تموقع المغرب في محيطه الدولي. وأوضح أن القرار الأممي الأخير يشكل محطة مفصلية في مسار النزاع، ودعا إلى دعم البحث الأكاديمي المتخصص في موضوع الحكم الذاتي.
وخلال الجلسة العلمية الأولى التي أدارها عبد العزيز قراقي، تناول محمد الشيخ بيد الله السياق التاريخي للأقاليم الجنوبية قبيل المسيرة الخضراء، مستحضراً شهادات من الحقبة الاستعمارية. فيما قدّم عبد النبي صبري تحليلاً لمسار الدبلوماسية الملكية ودورها في ترسيخ السيادة، مؤكداً ارتباط النزاع بالصراع الجيوستراتيجي على المحيط الأطلسي. أما محمد زكرياء أبو الذهب، فقد توقف عند “خطوات ما بعد 31 أكتوبر”، منبهاً إلى ضرورة إخراج “البوليساريو” من الاتحاد الإفريقي وفق الشروط القانونية الدولية، مع تعزيز الوعي الشعبي بمفهوم الحكم الذاتي. واعتبر حفيظ أدمينو أن الحكم الذاتي صيغة سياسية مرنة تتلاءم مع التجارب المقارنة، وأن ورش الجهوية المتقدمة يمهّد لتنزيله. واختتمت الجلسة بمداخلة مليكة الزخنيني التي أكدت أن القرار 2797 يشكل نقطة تحول في مقاربة الأمم المتحدة للنزاع.
وفي الجلسة العلمية الثانية التي أدارها عمر العسري، قدم محمد سيباويه وثائق تاريخية حول ارتباط الصحراء بالمغرب، مذكراً بأن التاريخ يشكل أقوى سند للقضية الوطنية. وركّزت آمال بن إبراهيم على ضرورة بناء هندسة مؤسساتية متوازنة للحكم الذاتي تجمع بين الجهة والمركز، مع منح المبادرة المغربية طابعاً دستورياً. واعتبر هشام برجاوي أن القرار الأممي 2797 مرّ بثلاث محطات أساسية انتهت إلى اعتبار الحكم الذاتي أساساً وحيداً للتفاوض، مؤكداً أن المغرب راكم خبرة كبيرة في اللامركزية.
من جهته، أوضح نذير المومني أن الدستور المغربي يوفر أرضية معيارية لتطوير مبادرة الحكم الذاتي، داعياً إلى التمييز بينه وبين الفيدرالية وتحديد الاختصاصات الذاتية بدقة. وقدم محسن ادالي تحليلاً لخطاب الدبلوماسية المغربية، الذي أصبح أكثر وضوحاً وحزماً وفق رؤية يقودها الملك. أما عبد العالي حمي الدين، فقد أبرز أن حل النزاع لن يكون عبر الاستفتاء بل من خلال مفاوضات مبنية على الحكم الذاتي، محدداً ثلاثة تحديات رئيسية تتعلق بالخطاب السياسي والفضاء الجهوي ومرحلة ما بعد الحل.
واختُتمت الندوة بمداخلة محمد حومالك، الذي شدد على أن المغرب اعتمد مقاربة تجمع بين الدبلوماسية النشطة والمشاريع التنموية الكبرى، ما يعزز مكانته الإقليمية والدولية ويبرهن على جدية النموذج المغربي في إدارة النزاعات.
واختُتمت أشغال اللقاء بروح من الأمل في مستقبل مغربي متقدم وقادر على القيام بأدوار محورية في استتباب الأمن والسلم على المستويين الإقليمي والدولي.