الاسباب الخفية لانشغال الاخوان بالقضية الفلسطينية – مصر هي المطمع

د. ليلى الهمامي

بقلم د. ليلى الهمامي

تبين بما لا يدَع مجالا للشك بان عديد الاطراف التي تدعي انها تدعم القضية الفلسطينية، تسعى في اخر الامر الى تصفية الحساب مع الانظمة العربية وخاصة النظام المصري الذي يرأسه الجنرال عبد الفتاح السيسي.
في لعبة السياسة ليس هذا بالامر مستبعدا او بالامر المحرم.

السياسة رهانها الحكم، وفي معركة نيل مقاليد السلطة، الوسائل، كل الوسائل الاخلاقية، او المباحة اخلاقيا، وقانونيا، مشروعة. هنالك ما يمكن ان نستخدمه من الوسائط والوسائل في المنافسة السياسية المشروعة، لكن ليست كل الوسائل مشروعة وليست كل الوسائط مباحة ومستساغة اخلاقيا.


القضية الفلسطينية ليست مطية لكي تصفي بها بعض الاطراف حساباتها مع هذا النظام او ذاك.
اولا في علاقة بمسالة الساحة السياسية العربية ومسالة كبت الحريات ومسالة المطلب الديمقراطي، إذا ما انطلقنا من مسلمة اولية، ان الشعوب هي مصدر مشروعية كل سلطة في الدولة، وان ارادة الشعوب لا تقهر، فانه بناء على ذلك يكون الشعب مصدر المشروعية بالفعل من خلال الانتخابات او ايضا من خلال القبول اي بالصمت والقبول الهادئ…


واذا كان الشعب، وفق اطروحة اصحاب وانصار الربيع العربي هو من قام بالثورة في مصر، واذا كان الشعب المصري قادر على ان ينجز ثورة، فهو كذلك قادر على حمايتها من اعدائها… واذا كان الشعب المصري في حالة هدوء وسكينة وقبول بحكم الرئيس عبد الفتاح السيسي فهو يقبل بذلك وهو، أي الشعب المصري، صاحب السيادة وهو “على كل شيء قدير” سياسيا…


في الحقيقة، ليس ثمة ما يمكن ان يستدعي كل هذه العدوانية من الاخوان، على الرغم من ان النزاع بين الاخوان ونظام الحكم في مصر ليس بالجديد. فمنذ نشأة الحركة الاخوانية، منذ حسن البنا، ومنذ الاستعمار البريطاني -ولن نعود الى تلك الصفحات-، وحتى تحت حكم جمال عبد الناصر، والاخوان يتخبطون من اجل السطو على الحكم ولو في الصف الثاني او الثالث، فقد احتضنوا جمال عبد الناصر ثم سرعان ما بدأ النزاع عن الحكم، ونزاع الصلاحيات ونزاع النفوذ بين عبد الناصر والاخوان … ثم نفس المعركة مع السادات الى ما هنالك من صفحات تاريخية يعلمها الجميع.


لكني اردت ان اقول هنا ان الشعوب، أكيد، مطالبة بدعم القضية الفلسطينية ومطالبة باحراج انظمة الحكم ومطالبة بهبة شعبية من شانها ان تحاصر مراكز القرار. هذا مطروح وبصفة اكيدة وملحة على كل الشعوب العربية اليوم لانها قضيتنا جميعا… حتى ان العودة الى اخر التسريبات في محادثات المرحومين والمغفور لهما الرئيس جمال عبد الناصر ومعمر القذافي، قالهاجمال عبد الناصر بصريح العباره “يريدوننا ان نحارب بدلا عنهم ونيابة عنهم”…


الحقيقة ان هذا الاشكال مطروح: كل الشعوب العربية مطالبة بالدفاع عن القضية الفلسطينية واليوم بالحاح بإنهاء الابادة. لكن من باب الجبن ان تراهن على شعب واحد وأن تحمل المسؤولية التاريخية لهزيمة فلسطين لشعب وحيد هو الشعب المصري… لتكالب لذلك عليك ان تضع نفسك على ذمة قيادة عسكرية عربية موحدة من شانها ان تجيش ومن شانها ان تمول ومن شانها تدرب وان تسلح…


اما الحديث عن الشعب المصري وموقفه من القضية الفلسطينية، فضروري ان نذكر ببعض المعطيات التاريخية.


الشعب المصري قدم شهداء في الحروب التي خاضها ضد اسرائيل سنه 1948، سنة 1967، سنة 1973 دون ما اعتبار لحرب الاستنزاف حيث قدم الشعب المصري 100,000 شهيد … دون الحديث عن المجهود المالي في الحرب والتجييش والبنية التحتية المدمرة.


لذلك كنت دائما أقول بأن اخر من توجه له الدعوات الاخلاقية بان يكون في مقدمه الامة في مواجهة اسرائيل هو الشعب المصري.
الشعب المصري هو عنوان النضال وعنوان التضحية من اجل الامة.


الخطير ان يسعى الاخوان الى التلاعب والاحراج وان يؤكدوا على مسائل تقنية يبدو ان العديد لا يعلمونها… البعض او ربما الكثير لا يعلم ان الرهان حاليا في العدوان النازي الجديد على غزه… وان الذي يشنه نتنياهو هو تهجير وترحيل للفلسطينيين قسرا من خارج غزه… فالموضوع إذًا ليس موضوع غذاء ودواء فقط، الموضوع يتعلق


اولا بايقاف العدوان وهذه مهمه عاجلة لا تحتمل التاجيل…
ثانيا نجدة اهل القطاع بالغذاء والدواء
ثالثا وهذه غاية استراتيجية، هي منع الترحيل!!!!!!
من يعتقد أن مسأله فتح معبر رفح هو لصالح الفلسطينيين لانهم يتم ابادتهم فانه طيب جدا، وانساني للغايه أو ساذج أو يتاجر بدم الفلسطينيين…
إن فتح معبر رفح هو اولا وقبل كل شيء لصالح اسرائيل.
فتح معبر رفح لتمرير المساعدات هو امر معقول ومطروح وليس هنالك اشكال في هذا… الاشكال ان اسرائيل تسعى الى استبدال غزه بسيناء!!!
على الاقل 40,000 جندي من فرقة الطليعة وفرق الصاعقه حشدهم عبد الفتاح السيسي في سيناء…


وهنالك امتعاض واحتجاج من طرف اسرائيل على اساس ان هنالك تجاوز سافر من مصر لبنود اتفاقية كامب ديفيد وان المفروض ان تبقى سيناء منطقة عازله لا سلاح ولا جيش فيها ولا قواعد عسكرية. عبد الفتاح السيسي عندما نشر عناصر من قوات النخبه العسكرية في سيناء، يعلم جيدا ان الغاية الاولى والاساسية بالنسبة لنتنياهو، بالنسبة للحكومه النازية الجديدة في تل ابيب هو ترحيل الفلسطينيين من غزه واخراج الفلسطينيين من غزه وهو الحلم وهو الغاية والهدف…


المساله ليست مسالة معابر تفتح فقط لتمرير الغذاء… المسالة هي مسالة تهجير قطعي ونهائي للفلسطينيين.
علينا ان نفهم علينا وأكررها علينا ان نفهم ان المسالة هي مسالة استراتيجية نازية تتجاوز الملف الانساني الى لعبه شطرنج استراتيجية خطيرة وخطيرة جدا.


عندما نقول بان هنالك من يريد ان يناصر الشعب الفلسطيني فنحن نعني ان له ذلك ونحن معه… وله ان يمارس ما شاء من القناعات لكن علينا ان ننتبه الى ان هنالك من يريد الدفع نحو اتجاه مغلوط… هنالك من يحاول ان يوحي بان الموضوع هو موضوع مساعدات انسانية فقط…


ليس الموضوع موضوع فتح المعابر للمساعدات… الموضوع هو مسالة تصدي للتهجير… التهجير القسري، الممنوع والمحرم، والذي تم تجريمه وفق كل المعاهدات الدولية… وتلك هي الغاية الاستراتيجية لاسرائيل: التهجير القسري الهمجي بقياده النازية الجديدة لاسرائيل.


هذا هو الموضوع: ليس ثمة اشكال اخر، هنالك من يدفع نحو تزييف معطيات الصراع والتمويه، هنالك من يدفع نحو المغالطة من اجل ان يكون المشهد مشوشا لدى الراي العام.


شيطنه عبد الفتاح السيسي لكي تفتح الممرات لكي يُرحّل الشعب الفلسطيني من غزه، لكي تقسم وفق ما ذهب الى ذلك وزير المالية المتطرف في كابينيت نتنياهو، ان تقسم الارض من اجل مشاريع عقارية بين اسرائيل وبين الولايات المتحدة الامريكية…
يبدو أن هنالك من يتامر في صف “الداعمين” الرومانسيين للقضية الفلسطينية.


ونحن بالمرصاد لمثل هذه المؤامرات… نحن بالمرصاد لمثل هؤلاء. القضية الفلسطينية قضية مقدسة… القضية الفلسطينية في قلوبنا… لكن ايضا في عقولنا.
الوجدان والعاطفة يمكن ان يقودا الى خيارات عبثية… العقل يعدل الوجدان يدفع والعقل يعدّل ويوجّه ويخطط…


ملاحظة :
كمواطنة تونسية وعربية انتصر كليا للقضية الفلسطينية بكل ما املك من جهد وقدرة.
اعارض كل متاجرة بهذه القضية النبيلة لاغراض خاصة سياسوية…
واني افعل ذلك خارج كل حسابات الأنظمة والمعارضات…
لست من أنصار النظام في تونس او مصر ولست من معارضيهم …
مواطنة حرة لا أطلب الإذن عندما أساند ولا استسمح احدا لكي أعارض.

اترك تعليقاً