You are currently viewing الابتكارات العلمية والتكنولوجية الصينية تسهم في دعم التحول الرقمي في السعودية
باي يوي إعلامي صيني

الابتكارات العلمية والتكنولوجية الصينية تسهم في دعم التحول الرقمي في السعودية

بقلم: باي يوي إعلامي صيني

في معرض الرياض الرابع للاتصالات وتقنية المعلومات، رفع الروبوت الباندا المسمى “يويو” هاتفا لالتقاط صورة ذاتية بسهولة مع الزوار المتجمعين حوله. ويجسّد هذا المشهد البسيط والمبهج إشارة إيجابية للتعاون التكنولوجي بين الصين والسعودية، فالتكنولوجيا لم تعد أجهزة جامدة، بل أصبحت جسرًا لعبور الثقافة واللغة، ورابطة جديدة تجمع مستقبل البلدين.


في السنوات الأخيرة،عززت السعودية بقوة الاتجاه نحو التحول الرقمي، وبناء المدن الذكية، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. وتنسجم هذه الرؤية الوطنية الطموحة بشكل طبيعي مع القدرات الصينية المتراكمة في مجال الأجهزة الذكية، والبنى التحتية الرقمية، وابتكار التطبيقات. فعندما تجلب الشركات الصينية تقنيات مثل الروبوتات، والمجمعات الذكية، والحوسبة السحابية إلى السعودية، فهي لا تستعرض منتجات فقط، بل تقدم أيضًا خبرة صناعية ناضجة، وحلولًا تقنية قابلة للتكرار، وروحًا منفتحة للتعاون.


وفي الدورة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار(FII9)في السعودية، ظهر روبوت بشري لشركة يونيتري في هانغتشو بشكل لافت، حيث نال إعجاب الجمهور السعودي بفضل مرونته وذكائه. ومن الروبوتات الصناعية إلى الروبوتات العاطفية التي تقدم الرفقة، لم تعد هذه الابتكارات مجرد إنجازات تقنية، بل هي أيضًا نوع من “الاستكشاف المسبق” لسيناريوهات تقديم الخدمات في المجتمع السعودي. كما أن توقعات المواطنين السعوديين عند تفاعلهم مع هذه الروبوتات تشير إلى أن التعاون التكنولوجي لم يعد مقتصرًا على التنسيق المهني، بل بدأ يدخل في مستوى أعمق من التفاعل الحياتي.


ومن الجوانب اللافتة أيضا الأجهزة الذكية الموجّهة للسوق الاستهلاكية. فالهواتف الصينية تحقق أداء قويا في السوق السعودية؛ إذ تعدّ شاومي وهونور و OPPOمن أبرز اللاعبين. وقد أصبحت هونور من العلامات التقنية المتصدّرة في السعودية، فيما تتمتع شاومي بحصة سوقية كبيرة، كما أن OPPO تعمل في السوق منذ سنوات طويلة. وقد نجحت هذه العلامات في كسب السوق المحلي من خلال القيمة العالية مقابل السعر المناسب، واستراتيجيات التوطين، والقدرات التسويقية القوية، بل حازت أيضًا على تقدير بعض أفراد العائلة المالكة السعودية، لتنافس بذلك علامات دولية مثل آبل وسامسونغ.


أما التعاون الأعمق فيتجلى في مجال البنية التحتية الرقمية وبناء المدن الذكية. فالسعودية تواجه حاجة ملحّة إلى تحديث المناطق الصناعية وأنظمة إدارة المدن، بينما تتوافق حلول الشركات الصينية مثل إدارة المجمعات الذكية، وخدمات مراكز البيانات، وإدارة الشبكات الكاملة، مع أهداف التحول في هذه المرحلة. فمن خلال المراقبة الفورية لجودة المياه واستهلاك الطاقة والبيئة، يمكن لمنطقة كانت تعتمد سابقًا على الجولات الميدانية اليدوية أن ترفع كفاءتها التشغيلية ومستوى الاستدامة بشكل كبير. وبالنسبة للسعودية، فهذا لا يمثل مجرد ترقية تقنية، بل هو ترقية لنموذج التنمية نفسه.

ومع إعلان Tencent Cloud عن إنشاء أول مركز بيانات لها في الشرق الأوسط بالسعودية، وخططها للاستثمار المستمر لسنوات، انتقل نمط التعاون التكنولوجي من تصدير المنتجات إلى بناء منظومة رقمية إقليمية مشتركة. وهذا يعني أن مزيدا من الشركات في الشرق الأوسط ستستخدم قدرات الذكاء الصناعي السحابية وتطلق أعمالا رقمية وتعزّز ابتكارها الصناعي بدعم من “السحابة الصينية”. إن هذا النوع من التعاون على مستوى البنية التحتية سوف يوفّر قاعدة تقنية مستقرة وطويلة الأمد لتحول المنطقة الرقمي، وتفوق أهميته الاستراتيجية أي مشروع منفرد.


من خلال النظر إلى هذه السلسلة من التفاعلات، يتضح أن التعاون التكنولوجي بين الصين والسعودية قد دخل مرحلة الانتقال من عرض المنتجات إلى بناء المنظومة المشتركة. فالسعودية تحتاج إلى دعم تكنولوجي متنوع وعالي الجودة، بينما تبحث الشركات الصينية عن سيناريوهات تطبيق في الخارج ومساحات أوسع للتعاون. ولدى الجانبين أهداف مشتركة في مجالات الرقمنة والذكاء الاصطناعي والتحول الأخضر، كما يمتلكان مزايا متكاملة ودافعًا واقعيًا للمضي معا نحو المستقبل.


تعد التكنولوجيا لغة تربط العالم، والتعاون العلمي والتقني بين الصين والسعودية يدفع البلدين، وبأسلوب أكثر انفتاحا وواقعية ومنفعة متبادلة، نحو مستقبل أكثر ذكاء وكفاءة. فعندما يلتقط الأطفال في السعودية الصور مع روبوتات صينية، وعندما تنشر الشركات السعودية أعمالها على منصات الحوسبة السحابية الصينية، وعندما تصبح المدن السعودية أكثر كفاءة وخضرة بفضل التكنولوجيا الصينية—عندها تتجلى القيمة الحقيقية للتعاون التكنولوجي في تلك اللحظات الصادقة والدافئة.

اترك تعليقاً