مع اقتراب اليوم الوطني السعودي سنويًا، لا يقتصر الاحتفاء على الفعاليات الرسمية والأجواء الاحتفالية، بل يشمل الأزياء التي أصبحت لغة تعبر عن هوية السعوديين وتاريخهم. أصبح ارتداء الملابس التراثية سمة لافتة في هذه المناسبة، حيث يستعيد أبناء الوطن موروث مناطقهم بصور عصرية تعكس ثراء التنوع الثقافي للمملكة.
تتنوع الأزياء السعودية بتنوع جغرافية المملكة وثقافاتها، في نجد، يبرز الدقلة والبشت المطرز. في الحجاز، يظهر الثوب المقطّع والمشلح. في الجنوب (عسير–نجران–جازان)، تظهر الأثواب الملونة المزينة بالجنابي. أما الشرقية، فتمتاز بالدراعة والعباءة المطرزة. الشمال يتميز بالفروة الشتوية والثوب المشغول بالتطريز اليدوي. هذه فسيفساء ثرية توحدها راية الوطن.
أوضحت المصممة من عسير، سَلْمَى عبدالرحمن، أن الثوب العسيري يحمل قيمة اجتماعية وثقافية راسخة، وأصبح جزءًا من الموضة الحديثة. وأضافت: “حرصت على إحياء هذا الموروث مع الحفاظ على هويته وملامحه الأصيلة، مستلهمةً القط العسيري والمنديل الأصفر والمصنف والوزرة، لأحوّلها إلى لوحات فنية تعبر عن المرأة الجنوبية دون تحريف أو مساس بالجوهر”.
أشارت المصممة الشعبية أم عبدالله إلى الإقبال الكبير على الأزياء التقليدية في نجد، مثل ثوب تور وثوب منيخل المصنوع من التُل الأسود والمزين بالترتر. كما عادت بقوة إلى المشهد البراقع البدوية والشيلة والمخنق.
وفي نجران، اختارت المصممة البتول سليمان أن تجعل الابتكار مدخلها لعرض التراث، قائلة: “استلهمت نقوش حِمى والأخدود والخط المسند والطراز العمراني، لأبرز هوية المنطقة في أزياء معاصرة، تبقي التراث حاضرًا بأسلوب يجذب الأجيال”.
أما الباحثة في التراث ريم البسام، فلفتت إلى أن البراقع تمثل جزءًا أصيلاً من أزياء النساء في المملكة، وتختلف خاماتها وألوانها باختلاف المناطق: ففي نجد يغلب اللون الأسود بطبقتين، بينما في الجنوب والغرب تُزيّن بالعملات الفضية والزخارف. كما أوضحت أن الأزياء في نجد خلال الدولة السعودية الأولى كانت تعكس المكانة الاجتماعية؛ فالنساء الثريات ارتدين ملابس حريرية مطرزة بالذهب، في حين ارتدت عامة النساء أثوابًا بسيطة بألوان داكنة أو زاهية، حتى العباءات اختلفت بين القيلانية المزخرفة بالزري للثريات، والعباءات السوداء لغيرهن.
وبهذا الزخم من التصاميم والإبداعات، غدا اليوم الوطني السعودي ساحة تحكي قصة وطن بالخيوط والأقمشة والزخارف، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، وتصبح الأزياء الوطنية رمزًا جامعًا لهوية السعوديين في يومهم الأهم.