تواصل الجهات الحكومية المعنية بالبيئة والموارد الطبيعية تنفيذ حزمة من المبادرات النوعية الهادفة إلى حماية التنوع البحري والحفاظ على الموارد الطبيعية في جزيرة جبل الليث، إحدى أبرز الوجهات البيئية والسياحية على ساحل البحر الأحمر. ويأتي ذلك ضمن توجه وطني يسعى إلى تحقيق توازن مستدام بين التنمية السياحية وصون النظم البيئية، من خلال برامج رصد بيئي، وتنظيم الأنشطة البحرية، وحماية مواقع التكاثر، إضافة إلى مبادرات مجتمعية تسهم في تعزيز الوعي البيئي وتنمية الموقع بشكل مسؤول
أكد ذلك مدير مكتب وزارة البيئة والمياه والزراعة بمحافظة الليث المهندس يحيى بن عبدالرحمن المهابي أن وزارة البيئة والمياه والزراعة و المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر والجهات الشريكة، تعمل على تنفيذ حزمة من المبادرات النوعية الهادفة إلى حماية التنوع البحري الفريد في جزيرة جبل الليث، وضمان استدامة مواردها الطبيعية.
وأوضح المهابي أن هذه الجهود تشمل الرصد البيئي المستمر عبر تنفيذ مسوحات دورية للشعاب المرجانية والكائنات البحرية لتقييم الحالة الصحية للموائل الطبيعية ورصد أي تغيرات قد تؤثر على توازنها البيئي. كما تمتد المبادرات إلى حماية مواقع التكاثر البحري من خلال تحديد المناطق الحساسة مثل مواقع تكاثر السلاحف والأسماك ومنع الأنشطة البشرية المؤثرة عليها، خصوصًا خلال مواسم التفريخ.
وفي إطار تنظيم الأنشطة البحرية والسياحية، أشار إلى تطبيق اشتراطات واضحة للغوص والرحلات البحرية، وتحديد أعداد الزوار، إلى جانب مراقبة استخدام القوارب ومنع الإلقاء العشوائي للنفايات لحماية الشعاب المرجانية. كما يجري تنفيذ مشاريع لاستزراع الشعاب المرجانية وإعادة تأهيل المتضرر منها، إضافة إلى تعزيز ضوابط تنظيم مواسم الصيد ومنع الصيد الجائر حفاظًا على الأنواع المهددة.
وبيّن المهابي أن الجهات المختصة تعمل على تحقيق توازن مستدام بين التنمية السياحية والحفاظ على البيئة، وذلك من خلال اعتماد مشاريع سياحية مبنية على دراسات تقييم الأثر البيئي، وتعزيز السياحة البيئية منخفضة الأثر، ومراقبة التزام المنشآت السياحية بالمعايير البيئية، مع تحديد القدرة الاستيعابية للجزيرة بما يحفظ مواردها الطبيعية.
وأكد الدور المهم الذي يلعبه المجتمع المحلي بمحافظة الليث في دعم هذه الجهود عبر المشاركة في حملات تنظيف الشواطئ، وبرامج التوعية للصيادين والطلاب والمهتمين، والإسهام في رصد الظواهر البيئية والإبلاغ المبكر عن أي تغيّرات.
وأضاف أن الجهات المختصة تعمل على تبني نموذج تنموي يدمج بين السياحة والبيئة لضمان الاستدامة، يشمل تعزيز السياحة البيئية المسؤولة، وتطوير شراكات حكومية وخاصة لإنشاء مشاريع صديقة للبيئة، واستخدام الطاقة المتجددة، وتبنّي مبادرات الكربون الصفري، إضافة إلى تدريب مرشدين بيئيين من أبناء المنطقة.
واختتم المهندس المهابي بالتأكيد على أن هذه الجهود تأتي ضمن رؤية وطنية شاملة تهدف إلى الحفاظ على التنوع البيئي وضمان استدامة الموارد الطبيعية في جزيرة جبل الليث، بوصفها واحدة من أبرز الوجهات البيئية والسياحية في المملكة
من جانبه قال الدكتور فايز المهداوي، رئيس المجلس البلدي بمحافظة الليث سابقًا، أن جزيرة جبل الليث تمتلك مقومات تاريخية وطبيعية يمكن أن تجعلها أحد أهم الوجهات السياحية والبيئية في ساحل البحر الأحمر، مشيرًا إلى أن موقعها الجغرافي القريب من طريق التجارة البحرية القديم قد منحها أدوارًا تاريخية محتملة.
وأوضح المهداوي أن محدودية الدراسات الأثرية الموثقة لم تمنع الباحثين من ترجيح استخدام الجزيرة قديمًا كموقع استراحة أو نقطة مراقبة للسفن التجارية، بالإضافة إلى دورها في حماية السواحل من الغزوات البحرية. كما أشار إلى أن الجزيرة كانت تُستخدم من قبل السكان المحليين كموقع موسمي للصيد والغوص، مستفيدين من طبيعتها الجبلية التي توفر نقاط مراقبة طبيعية لحركة السفن.
ودعا المهداوي إلى تنفيذ مسوحات أثرية وعلمية للكشف عن شواهد تاريخية محتملة، وإنشاء مركز معلومات بيئي وتاريخي، وتصميم مسارات سياحية تعليمية تُبرز تراث الجزيرة البحري، إضافة إلى تعزيز السياحة المستدامة وإشراك المجتمع المحلي في الأنشطة السياحية.
واختتم بأن جزيرة جبل الليث يمكن أن تكون نموذجًا للتنمية السياحية المتوازنة، التي تجمع بين حماية البيئة واستثمار التراث وتنشيط الاقتصاد المحلي